لقد كان العقل البشري دائمًا عنصرًا غامضًا سعت العديد من الدراسات العلمية على مر السنين إلى كشفه. ضمن هذا السيناريو، أصبح علم الأعصاب أقرب إلى الكشف عن أعمق أسراره، ووفقًا لعالم الأحياء العصبية الشهير رافائيل يوستي، فإننا أقرب من أي وقت مضى إلى فهم كيفية عمل الدماغ.
يرتكز هذا المقال، الذي يجمع بين العلوم الشعبية والتأملات الفلسفية، على فكرة مفادها أن الثمانين مليار خلية عصبية التي تشكل دماغنا تعمل كشبكة قادرة على التنبؤ بالمستقبل. هذا النموذج الداخلي للعالم لا يساعدنا على فهم الواقع فحسب، بل يساعدنا أيضًا على توقعه واتخاذ القرارات التي تتكيف مع البيئة.
يسميه الخبير "مسرح العالم"، تكريما لكالديرون دي لا باركا، لأنه يعتبر أن ما ندركه هو، إلى حد كبير، بناء داخلي.
وأوضح عالم الأعصاب رافائيل يوستي، الذي يدير مركز التكنولوجيا العصبية بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة، في مقابلة أجريت معه مؤخراً مع قناة كواترو التليفزيونية، أن المفتاح لفهم الدماغ هو تصوره كآلة تنبؤ.
يوضح يوستي: "الهدف من هذا الكتاب هو طرح فرضية يمكن أن تفسر سر الدماغ: كيف ينشأ العقل البشري من نشاط الخلايا العصبية".
يعالج الدماغ المعلومات الحسية ويستخدمها لبناء نموذج افتراضي للبيئة. لا يعكس هذا النموذج ما ندركه فحسب، بل يولد أيضًا فرضيات حول ما يمكن أن يحدث. يقول الخبير: "نستخدم هذا النموذج لحساب ما سيحدث في المستقبل، وبهذا نقوم بتصميم واختيار السلوكيات المناسبة لبيئتنا".
يعتقد يوستي أننا نعيش في فجر عصر جديد، نهضة حديثة تعيد تعريف فهمنا لما يعنيه أن تكون إنسانًا. "في المستقبل سيكون لدينا جهاز على الرأس يسمح لنا بالتواصل مع الدماغ."
بالنسبة له، في المستقبل غير البعيد، ستسمح لنا هذه الأجهزة المزروعة في الدماغ بالتواصل بدون كلمات أو تعلم اللغات على الفور.
من خلال الأمثلة والاستعارات الواضحة، يتمكن عالم الأعصاب رافائيل يوستي من شرح المفاهيم المعقدة بطريقة يسهل الوصول إليها، مما يجعل علم الأعصاب أقرب إلى عامة الناس.
ومن بين أفكاره، يسلط الضوء على أهمية العواطف كأدوات لصنع القرار والدور المركزي للذاكرة في بناء هويتنا. علاوة على ذلك، فهو يؤكد أنه على الرغم من أننا أحرزنا تقدمًا كبيرًا في فهم الدماغ، إلا أننا بدأنا للتو في الكشف عن إمكاناته الحقيقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق