قام أمين الدرقاوي، شاب مغربي من مدينة وجدة، بتسريب وثيقة سرية تكشف عملية ضبط المحتوى المنشور داخل الفايسبوك، وذلك بعد أن استقال من عمله داخل هذه الشركة العملاقة بسبب أجر ضئيل لم يكن يتجاوز دولارا واحدا في الساعة.
أمين لم يكن يعمل بشكل مباشر للفايسبوك، ولكن لشركة تسمى أخرى تعمل لفائدة الفايسبوك وجوجل في إطار ضبط المحتوى المنشور فيهما من طرف المستخدمين، فبعد أن تقدم بطلب عبر الانترنت للعمل، تم امتحانه في اختبار شفوي، ليجتاز تكوينا لعدة أسابيع، ثم ينخرط بآمال كبيرة ضمن فريق من 50 عضوا من عدد من بلدان العالم الثالث كتركيا، الفلبين، الهند، والمكسيك في ضبط محتوى النشر على الفايسبوك من صور وتعليقات وفيديوهات تم الإشعار عن مخالفتها من طرف المستخدمين، بطريقة لا تتيح لهم معرفة الموقع الذي يضبطون محتواه بشكل رسمي، لأن الفايسبوك حريص على سرية طريقة عمله، وهو ما يظهر من خلال الدليل المسرب الذي لا يحمل أي إشارة للفايسبوك، رغم أن الأمر لم يمنع هؤلاء الموظفين من معرفة أن الأمر يتعلق بهذا الموقع.
أغلب الموظفين شباب وبتكوين جيد، متمكنين من اللغة الإنجليزية، فواحد منهم سيدرس العلوم السياسية بالولايات المتحدة العام القادم، وآخر مهندس معلوميات، وانخراطهم في هذا العمل كان بسبب رغبتهم ربح بعض المال الإضافي في دول يمثل فيها الدولار عملة غالية الثمن، غير أن أمين، المغربي ذو 22 سنة، قرر الاستقالة من عمله عندما علم بدخول موقع الفايسبوك إلى البورصة بثمن خيالي ، فالاستغلال الذي تعرض إليه رفقة عدد من زملاءه بالكثير من دول العالم الثالث كان مجحفا، ما دام الفايسبوك يتصدق عليهم ولا يؤديهم ثمن ما يقومون به على حد قوله.
وإن كان أمين قد استقال بسبب حنقه على الأمور المادية، فقد استقال عدد كبير من زملائه بسبب طبيعة عملهم الخطيرة، يقول أحدهم لموقع gawker.com الذي كان أول من نشر هذه الوثيقة السرية:" كنا نحس كما لو أننا في نفق مظلم، كل لحظة تشاهد المئات من الصور المقززة أمام عينيك، وأنت من عليه تنظيف العالم من هذه الفضلات"، فمقاطع الفيديو التي تصور تعذيب البشر و الحيوانات أو تلك التي تعرض لحوادث خطيرة للغاية، والتي يتوجب عليهم مشاهدتها والتدقيق فيها قبل حذفها، سببت لهم مضاعفات نفسية خطيرة كما يقول لذات الموقع، وهو الأمر الذي كان يستدعي من الشركة التي وظفتهم تحضيرهم لمثل هذا العمل الصعب.
طبيعة العمل كانت شائكة ومعقدة، فهناك قرارات بالحذف أو الإبقاء ممكن أن تؤخذ بسهولة، بينما وفي كثير من الأحيان، يصعب اتخاذ مثل هذا القرار نظرا لاتفاقيات حرية التعبير، مما كان يفرض على أمين ورفاقه بإرسال المحتوى إلى إدارة الفايسبوك لتقرر بشأنه، وذلك بالاستعانة بدليل من 17 صفحة، يعينهم على اتخاذ قراراتهم بخصوص المحتوى المتعلق بأمور من قبيل: الجنس، العري، الاستخدام الغير الشرعي للمخدرات والمنشطات، السرقة، النصب، الحث على الكراهية وما إلى ذلك..
و هنا تلخيص لبعض مضامين هذه الوثيقة السرية:
• بخصوص الجنس والعري: الفايسبوك يمنع كل تصوير لفعل جنسي حتى ولو كان بملابس، صور المناطق الحساسة كالحلمات النسائية والمؤخرات المكشوفة ممنوعة، غير أن الحلمات الرجالية مسموح بها، الفايسبوك يمنع كذلك صور الأطفال العراة الذين يستطيعون الوقوف، وكذلك الصور التي تصف طرق السرقة، وصور الرضاعة لأمهات عارية الصدر، وصور لأشخاص داخل دورات المياه، وصور الأدوات الجنسية إن كانت مقدمة في سياق نشاط جنسي.
• بخصوص المخدرات: الفايسبوك يسمح بظهور محتوى يتحدث عن نبتة "الماريجوانا" إن كان المستخدم يتحدث عن الشراء والبيع أي عمليات تجارية.
• بخصوص الصور العنيفة: أي محتوى يحرض على العنف ضد البشر أو الحيوانات ممنوع، لكن الفايسبوك يسمح بصور تظهر جروحا عميقة، والدم المتدفق بغزارة، وحتى الرؤوس المحطمة والمهشمة بشرط عدم إظهار الداخل.
• بخصوص المحتوى الذي يتحدث عن الانتحار، فهو يرفع تلقائيا لإدارة الفايسبوك قصد البث في نشره من عدمه.
• بخصوص القذف الذي يحتوي على اسم شخص معروف، فهو يحذف تلقائيا حتى ولو كان المحتوى إيجابيا، وكذلك الصور التي تقارن بين شخصين لمصلحة واحد منهما.
• بخصوص تركيا: (تم إعطاء هذا البلد لأمين والفريق الذي يعمل معه، فيما تتكلف فرق أخرى بدول معينة) فهناك قوانين خاصة تهدف إلى ضبط المحتوى المتعلق بشخص كمال أتاتورك، باني تركيا الحديثة، وذلك بسبب كثرة الهجمات التي تستهدفه.
مع العلم أن الفايسبوك حذف الكثير من المحتوى الآخر الذي لم يرد في هذه الوثيقة، كدليل تم نشره سابقا عن خطورة الإجهاض، وقد تسبب حذفه بأزمة بين معارضي الإجهاض والفايسبوك، وكذلك لقبلة بين شاذين جنسيين دفعت بإدارة الموقع إلى تقديم اعتذار رسمي.
المصدر : جريدة هسبرس